شهدت
الفترة الممتدة من نهاية الثمانينات إلى غاية يومنا هذا مجموعة من الإصلاحات
الاقتصادية التي أدت إلى تغير التوجه الاقتصادي الوطني من اقتصاد مخطط إلى اقتصاد
السوق، وقد شملت هذه الإصلاحات إعادة هيكلة المؤسسات العمومية ومنحها استقلاليتها
حيث تم تحويل ما كان يعرف الخصخصة، فتح المجال ،(EPE) بالمؤسسات
الاقتصادية الاشتراكية إلى مؤسسات اقتصادية عمومية للمستثمر الأجنبي، وكذا إجراء
مجموعة من التعديلات على القانون التجاري لاسيما ما تعلق بتنظيم الشركات وأصنافها.
ومواصلة
في هذا المسعى وبهدف تكييف الممارسة المحاسبية مع التغيرات الحاصلة وكذا انتفاء لنقائص
المخطط المحاسبي السابق والذي أصبح في كثير من الأحيان لا يستجيب لمعطيات وتطلعات البيئة
الاقتصادية الجديدة. فقد قررت السلطات المخولة القيام بإصلاح محاسبي تم باعتماد
نظام جديد يفرض تبني ثقافة محاسبية جديدة بعيدة كل البعد عن الممارسة المحاسبية
السابقة.
وقد
استمرت جهود إعداد هذا النظام عدة سنوات ليكون بعدها جاهزا للتطبيق ابتداء من سنة
2010 مستوحا بشكل كبير من معايير محاسبية دولية نشأت وتطورت في ظل اقتصاديات تختلف
كل الاختلاف عن طبيعة وخصوصية الاقتصاد الجزائري، إذ تترجم هذه المعايير قوة
اقتصاديات الدول المتقدمة واحتياجات الشركات المتعددة الجنسيات، وهو الأمر الذي
يجعل المؤسسات الوطنية في تحد كبير لتطبيق واعتماد هذا النظام الجديد، انطلاقا من
تكاليف التطبيق الأولي ووصولا إلى القدرة على ترجمة وتحليل العمليات المحاسبية
والاقتصادية بالشكل الذي يؤدي إلى تحقيق الأهداف المتوخاة من وراء اعتماد هذا
النظام المحاسبي.
وتمثل
المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أغلبية النسيج المؤسساتي للاقتصاد الوطني بنسبة تجاوزت
90 بالمائة وهي مؤسسات في طور النمو والانتشار تواجه الكثير من المشاكل والمعوقات
التي تحول دون تطورها بل وأحيانا دون بقائها واستمرارها. بالإضافة إلى تميزها بنوع
من الخصوصية لاسيما في المجال المحاسبي، الإمكانيات المادية والمالية وكذا حجم
النشاط الممارس، وهي أمور لها أثر بالغ في تحديد مساحة وحجم وكيفية تطبيق النظام
المحاسبي الجديد.